في جريمتين منفصلتين لم يُشَكِّلا أيّ تهديد لحياة جنودها
قوات الاحتلال تقتل مدنينِ فلسطينيينِ، يعاني أحدهما من إعاقة في
النطق، شمال وجنوب الضفة الغربية
في جريمتين منفصلتين من جرائم الاستخدام
المفرط للقوة المسلحة، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اثنين من المدنيين
الفلسطينيين. قُتِلَ الأول، وهو يعاني من إعاقة في النطق، أثناء مشاركته في تظاهرة
سلمية جرى تنظيمها وسط مدينة الخليل، فيما قُتِل الثاني، أثناء مشاركته بالتصدي
لمجموعة من المستوطنين هاجمت، وتحت حراسة قوات الاحتلال، أطراف قرية عوريف، جنوب
مدينة نابلس. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يدين هاتين الجريمتين الجديدتين،
ويحمّل حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن توتير الأوضاع في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، والتي يترافق معها تصعيد المستوطنين لاعتداءاتهم ضد المدنيين
الفلسطينيين، وبخاصة في المناطق الجنوبية لمحافظة نابلس. ويدعو المركز المجتمع
الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لوقف جرائم قوات
الاحتلال والمستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، والعمل على توفير
الحماية الفعلية لهم.
واستناداً لتحقيقات المركز حول الجريمة الأولى، ففي أعقاب
انتهاء صلاة يوم الجمعة الموافق 9/3/2018، تجمهر عشرات الفتية والشبّان
الفلسطينيين في منطقة باب الزاوية، وسط مدينة الخليل. قذف المتظاهرون الحجارة تجاه
الحجاز العسكري المقام على مدخل شارع الشهداء المغلق، المسمى "حاجز الكونتينر
56". انتشر عدد من جنود الاحتلال في المكان، وأطلقوا القنابل الصوتية وقنابل
الغاز تجاه راشقي الحجارة، وطاردوهم بين المحال التجارية في منطقة أبو الحمص.
تراجع المتظاهرون، فيما اقتحم جنود الاحتلال كراج عبد الجبار للمركبات، وتمركزوا
خلف أحد جدران مدرسة خديجة عابدين، فألقى عدد من المتظاهرين الزجاجات الحارقة من
مسافات بعيدة تجاههم. وعلى الفور أطلق جنود الاحتلال الأعيرة النارية بشكل كثيف
تجاه الشبان المتواجدين في طريق أبو الحمص، ومن مسافة تقدر بحوالي 200م، ما أسفر
عن إصابة المواطن محمد زين فزاع
الجعبري، 24 عاماً، بعيار ناري في
الجهة اليمنى العلوية من الصدر، وهو يعاني من إعاقة في النطق. نقل المصاب بواسطة
سيارة خاصة إلى مستشفى الخليل الحكومي، والذي يبعد حوالي 300م عن مكان الأحداث،
وفي حوالي الساعة 3:40 مساء اليوم نفسه هناك أعلنت المصادر الطبية عن وفاته.
واستناداً
لتحقيقات المركز حول الجريمة الثانية، ففي حوالي الساعة 6:00 مساء يوم السبت
الموافق 10/3/2018، هاجمت مجموعة من المستوطنين، انطلاقاً من مستوطنة
"يتسهار" المقامة في الجهة الشمالية من قرية عوريف، جنوب مدينة نابلس،
يرافقهم ثلاثة من جنود الاحتلال الإسرائيلي، الأطراف الشمالية للقرية. تمركز
المستوطنون في محيط خزان المياه المغذي للقرية في منطقة "الصفافير"،
فتوجه عدد من المواطنين ورشقوا المستوطنين وجنود الاحتلال الذين كانوا يؤمنون حمايتهم
بالحجارة. وعلى الفور أطلق الجنود قنابل الغاز والقنابل الصوتية والأعيرة النارية
والمعدنية تجاه المتظاهرين الذين كانوا يلقون الحجارة ويستترون خلف جدران خزان
المياه. استمرت المواجهات حوالي نصف ساعة، وبدأ المستوطنون الذين كان يحملون العصي
والمقاليع بالتراجع مسافة تقدر بحوالي 100م عن الخزان، أما الجنود فبقوا في محيط
الخزان. انبطح جنديان على الأرض، وأخذا وضعية القنص، وبقي الثالث واقفاً. وفور أن
شاهدا المواطن عمير عمر عمير
شحادة، 20 عاماً؛ والطفل همام محمد مفلح صفدي، 14 عاماً؛ يخرجان من خلف جدار الخزان، ويطلان
عليهما، أطلقا عيارين ناريين تجاههما، فأصيب شحادة بعيار ناري في الكتف الأيسر،
ودخل في الصدر واستقر في القلب، ولقي حتفه بالمكان، وأما الطفل صفدي فأصيب بعيار
ناري في أعلى الفخذ الأيسر. نقل الطفل المصاب بواسطة سيارة مدنية إلى عيادة الطبيب
عاطف حافظ عامر وسط قرية عوريف، وبعد تقديم الإسعافات الأولية له جرى نقله إلى
مستشفى جامعة النجاح التعليمي في مدينة نابلس. وذكر الطبيب عامر أن العيار الناري
قطع الشريان الرئيس في الفخذ، وخرج من العظم، وقال بأن إصابته كانت قاتله لولا لطف
الله.
المركز
الفلسطيني لحقوق الإنسان، وفي الوقت الذي يدين فيه هاتين الجريمتين الجديدتين،
فإنّه ينظر بخطورة بالغة إلى استخدام القوة المميتة من قبل قوات الاحتلال
الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين المشاركين في التظاهرات السلمية، وبما يخالف
معايير القانون الدولي الإنساني. كما وينظر المركز بذات الخطورة للحماية التي
توفرها تلك القوات للمستوطنين الذين يهاجمون المواطنين الفلسطينيين الآمنين في
منازلهم.
وبناءً على ما تقدم، يدعو
المركز المجتمع الدولي والهيئات الأممية للتدخل لوقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته
المتصاعدة، والعمل على توفير حماية دولية للفلسطينيين في الأرض المحتلة. ويجدد المركز مطالبته للأطراف
السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة
الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها
في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة
المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية، علماً بأن هذه الانتهاكات تعد جرائم
حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول
الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق